الجفاف يضرب لبنان.. ويوتر العلاقة مع السوريين

أسعار السوق السوداء للمياه ارتفعت 33 في المائة الشهر الماضي

الجفاف يضرب لبنان.. ويوتر العلاقة مع السوريين
TT

الجفاف يضرب لبنان.. ويوتر العلاقة مع السوريين

الجفاف يضرب لبنان.. ويوتر العلاقة مع السوريين

لم تأت تباشير الصيف اللبناني كما اشتهاها اللبنانيون الذين كانوا يأملون بصيف واعد في السياحة والأمن والاقتصاد. فموسم الاصطياف ضربته التفجيرات الأخيرة، والأزمات الحياتية تضرب البلاد بشكل غير مسبوق، مما أطاح كل الآمال المعقودة على الصيف الحالي الذي كانت تباشيره جيدة مع تأليف حكومة ائتلافية بين طرفي الأزمة، وإنجازات هذه الحكومة في ملف الأمن، وفي الملفات الإدارية.
ولم يكف اللبنانيين التفجيرات الأخيرة التي حصلت وأدت إلى إلغاء الحجوزات، حتى ضربتهم أزمة الكهرباء وانقطاعها القياسي، خلافا لوعود حكومية سابقة بتأمين التيار الكهربائي على مدار الساعة بدءا من العام المقبل، وتخفيض التقنين بشكل كبير بدءا من هذا الصيف. ثم أتتهم أزمة الجفاف التي كان الجميع يتوقعها بسبب الشتاء الدافئ جدا، لكن لم يجر التحضير لها، فأصبحت المياه «عزيزة» على اللبنانيين يشترونها من بائعين غير شرعيين، كعادتهم كل صيف، لكن الطلب الكبير جعل هذا الصيف مميزا إلى درجة رفعت أسعار المياه إلى درجة غير مسبوقة.
ويقول غندور، ناطور أحد الأبنية في بيروت، إن البائعين رفعوا الأسعار بنسبة كبيرة هذا العام، وإنهم قد يعمدون إلى رفعها أكثر في الفترة المقبلة بسبب شح المياه وكثرة الطلب. ويشير إلى أن صهريج الماء سعة 150 برميلا، أصبح ثمنه 200 ألف ليرة (133 دولار) بعد أن كان يبلغ العام الماضي في موسم الجفاف نحو 150 ألفا (100 دولار)، موضحا أن المبنى الذي يعمل فيه بات يستهلك ما قيمته 400 دولار شهريا.
ويقول رئيس مصلحة الزراعة في الجنوب المهندس حسن صولي، إن لبنان وحتى الأمس القريب كان يعد من أقل بلدان الشرق الأوسط فقرا بالمياه، فقد كان معدل مياهه السنوي يتجاوز بفعل تساقط الأمطار 800 مليون متر مكعب مما يساعد في الحفاظ على أكثر من 2000 ينبوع خلال موسم الجفاف الذي يمتد سبعة أشهر. إلا أن هذا المنسوب بدأ يتراجع بطريقة تطرح علامات استفهام حول مستقبل لبنان المائي. ومع تراجع نسبة هطول الأمطار المتلاحقة سنويا وتوزعها على مدار العام وصلت إلى حدود الخطر خلال السنتين الماضيتين والإنذار في هذا العام.
وأوضح أن كميات المياه الجوفية سجلت تراجعا بنسبة كبيرة بلغت ثلث الكمية التي كانت تخزن العام الماضي. وقال: «استنادا لدراسات علمية وخبراء في هذا المجال فإن عدد الأيام الممطرة قد تقلص من 90 إلى 80 يوما في السنة في منطقة المتوسط قبل 20 عاما وإلى 70 يوما في السنة في أيامنا هذه مقابل ارتفاع شدة هطول الأمطار من جهة أخرى»، مؤكدا أن «تراجع نسبة تساقط الثلوج سنويا وانخفاض كثافتها سيؤدي إلى تناقص في كمية المياه التي تتجمع بفعل ذوبانها».
وأعلن أن «تناقص منسوب المياه بفعل قلة تساقط الأمطار والثلوج سيؤثر على الثروة المائية، وهذا وضع مخيف، ولبنان بدأ هذا العام يتأثر بالتغيير المناخي الذي سيترافق مع ارتفاع درجات الحرارة عاما بعد عام ويتبعه ارتفاع في نسبة تبخر المياه الجوفية والمتساقطة، وفي المقابل يتزايد الطلب على المياه بسبب شدة الحر، مما سيوصلنا إلى صحراء حقيقية قبل منتصف القرن الحالي، بحيث لن تنحصر التأثيرات بندرة المياه، بل ستمتد إلى الزراعة والأمن الغذائي وسيشهد لبنان ارتفاعا حادا بأسعار المياه والغذاء في آن، والفقراء هم أكثر المتضررين».
وأكد صولي أن «القطاع الزراعي هو الأكثر تضررا من أزمة الجفاف، يليه الأمن الغذائي»، لافتا إلى أن بوادر الأزمة أخذت تظهر في الجنوب عبر تساقط حبوب الزيتون ويباس شتول الخضار قبل نضوجها. وقال: «منذ عشرين عاما، كان المزارع يستطيع الحصول على المياه من الآبار على عمق عشرة أمتار، أما اليوم فغالبا ما يصل عمق الآبار إلى 40 وكحد أقصى إلى 100 متر، وبالتالي فإن التراجع الكبير بنسبة المياه سيرتد سوءا على الكثير من القطاعات الإنتاجية الزراعية التي ترتكز على المياه الجوفية للري في مواسم الصيف».
ويلعب وجود النازحين السوريين في لبنان كعامل ضغط إضافي على الموارد الطبيعية. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إنه وعلى الرغم من أن إمدادات المياه هي في لبنان «وفيرة نسبيا»، فقد أصبح الآن من «الصعب جدا» حتى هنا الحفاظ على جودة الماء وتوفرها بعد عدة سنوات من انخفاض معدلات سقوط الأمطار وانتشار اللاجئين السوريين في كل أجزاء البلاد.
وينافس السوريون الذين تخطى عددهم الإجمالي بين لاجئين وعمال مقيمين، المليونين، أهالي البلد في مجمل المجالات مما دفع بنحو 170 ألفا منهم إلى ما دون خط الفقر، في بلد لا تستوعب بناه التحتية حتى عدد سكانه (أربعة ملايين نسمة)، وهي حاليا على وشك الانهيار مع ما يقارب ستة ملايين شخص.
ويرى مستشار شؤون التخطيط في وزارة الصحة اللبنانية بهيج عربيد، أن «لبنان ليس على أبواب انفجار، بل في قلب الانفجار»، لافتا إلى أن «الأمور خرجت من أيدي المعنيين والحكومة اللبنانية التي تشكلت على أساس أن تشرف على إجراء الانتخابات الرئاسية، فإذا بكل أزمات البلد المتراكمة تحل عليها دفعة واحدة وهي غير قادرة على التعاطي مع أي منها».
وقال عربيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن لبنان «يدفع حاليا ثمن ضعف نظامه السياسي وعدم قدرة الحكام فيه على الحسم، مما يؤدي لتفاقم الأزمات»، واصفا الوضع العام اللبناني بـ«الخيالي، وهو يعود إلى قدرة اللبنانيين على التحمل والتكيف مع الأزمات»، مؤكدا أنه لو حصل ما يحدث في لبنان في أي بلد آخر في العالم «لكان انهار كليا».
وأوضح عربيد، أن «الخسائر التي تتكبدها البلاد نتيجة ملف اللجوء السوري لم تتكبدها دولة في العالم»، متسائلا: «هل تستطيع الولايات المتحدة الأميركية أن تستقبل 60 مليون إنسان خلال عامين أم فرنسا أن تستضيف 30 مليونا؟»، في إشارة إلى استضافة لبنان ما يوازي نصف عدد سكانه من اللاجئين السوريين في السنوات الثلاث الماضية.
وتوقعت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، أن يصل عدد اللاجئين السوريين في المنطقة بنهاية 2014 إلى 3.6 مليون مقابل 2.5 مليون مسجلين حاليا في لبنان وتركيا والأردن والعراق. وقدرت المفوضية إجمالي عدد اللاجئين السوريين في لبنان بحلول نهاية العام الحالي بـ1.5 مليون، أي ثلث عدد سكان لبنان، علما بأن بيانات الأمم المتحدة تفيد بتدفق 38 في المائة من اللاجئين السوريين على لبنان ليكون صاحب النصيب الأكبر من هؤلاء اللاجئين.
ويشكو عدد من البلديات في المناطق اللبنانية التي تؤوي نازحين سوريين من ضعف المساعدات المخصصة لتحسين البنى التحتية والخدمات، على ضوء الضغط الكبير الذي يرتبه الوجود السوري المتزايد. ويكرر رؤساء بلديات عدة مقولة أن البلديات، وهي عبارة عن مجالس محلية ينتخبها السكان لإدارة شؤونهم المحلية مرة كل ست سنوات، باتت بلديات لتسيير شؤون النازحين السوريين وتأمين احتياجاتهم الملحة، أكثر من الاهتمام بالسكان اللبنانيين.
ولم يكن الضغط الذي طال شبكة الكهرباء اللبنانية مفاجئا، باعتبار أنها تعاني أصلا وقبل وصول اللاجئين من مشكلات جمة، وأوضح وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، أن «لبنان يدفع شهريا لاستجرار الكهرباء من سوريا نحو 35 مليون دولار في حين أنه يقدم الكهرباء مجانا للاجئين بقيمة 100 مليون دولار».
وأعلنت مؤسسة «كهرباء لبنان» أخيرا أنها ستعمد إلى تحديد القدرة الإنتاجية الموضوعة على شبكة الكهرباء بما يؤمن نحو 13 ساعة تغذية يوميا في جميع المناطق اللبنانية. وإذ أسفت إلى اضطرارها لاتخاذ الإجراءات، تمنت المؤسسة على المواطنين «تفهم ضرورة تحقيق التوازن بين توفير التغذية بالتيار الكهربائي والوضع الدقيق للمالية العامة»، مؤكدة أنها تسعى قدر الإمكان لتأمين الحد الأدنى من الاستقرار على الشبكة، كما أنها ستبذل كل جهد ممكن وضمن الإمكانيات المتاحة لتأمين التيار الكهربائي للمواطنين خلال شهر رمضان في فترتي الإفطار والسحور.



تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
TT

تكرار وقائع «تحرش» بمدارس مصرية يفاقم أزمات وزير التعليم

وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم المصري يلتقي عدداً من أولياء الأمور في أول يوم دراسي بالعام الحالي (وزارة التربية والتعليم)

فاقم تكرار وقائع تحرش بطلاب داخل مدارس دولية وخاصة الأسابيع الماضية الأزمات داخل وزارة التربية والتعليم، التي صاحبت الوزير محمد عبد اللطيف، الذي تولى المهمة قبل عام ونصف العام، وسط مطالب بإقالته بوصفه «المسؤول الأول»، فيما دافع آخرون عنه على أساس أن الحوادث «فردية»، وأنه قام بإجراءات مشددة لمنع تكرارها.

وشهدت مدارس مصرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وقائع تحرش، حيث قررت وزارة التربية والتعليم وضع مدرسة «سيدز» الدولية في القاهرة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، عقب توقيف 4 عاملين فيها في اتهامهم بالتحرش بعدد من طلاب المرحلة التمهيدية، قبل أن يتولى القضاء العسكري القضية، وتتسع دائرة المتهمين فيها.

ولم تكن واقعة مدرسة «سيدز» الأولى من نوعها، إذ سبقها بشهور عدة، قضية الطفل «ي» التي تحولت لقضية رأي عام، وأدانت فيها محكمة الجنايات مشرفاً مالياً سبعينياً بالتحرش بالطفل داخل المدرسة، وقضت بالسجن المؤبد (25 عاماً) في مايو (أيار) الماضي، ثم خففت محكمة الاستئناف الحكم إلى السجن المشدد 10 سنوات في نوفمبر الماضي.

وزير التربية والتعليم خلال تفقده سير العملية الدراسية في إحدى المدارس (أرشيفية - وزارة التربية والتعليم المصرية)

ويُحمل الخبير التربوي عاصم حجازي، وزير التربية والتعليم محمد عبد اللطيف مسؤولية تكرار تلك الوقائع داخل المدارس، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «تكرارها يعكس غياب الإجراءات الرادعة لتفادي مثل هذه الحوادث منذ واقعة الطفل (ي)»، عادّاً أن غضب الرأي العام وأولياء الأمور على الوزير وما يحدث في الوزارة طبيعي ومبرر.

وأضاف: «الإجراءات لم تُتخذ سوى بعد واقعة مدرسة سيدز، وكانت متأخرة وغير كافية، بدليل تفجر وقائع أخرى في مدرستين بعدها».

وكانت وزارة التربية والتعليم فرضت إجراءات داخل المدارس الدولية للانضباط، تتمثل في وضع نظام كاميرات، ومنع وجود الطلاب في غير أوقات اليوم الدراسي، وإلزام المدارس بنظام خاص للإشراف على وجود الطلاب خارج الفصول، وإلزام هذه المدارس بإجراء تحليل مخدرات، والكشف عن الحالة الجنائية للعاملين فيها، وتقديم هذه الأوراق للوزارة.

وتساءل حجازي: «لماذا اقتصرت الإجراءات على المدارس الدولية، وهل المدارس الحكومية في مأمن من وقائع تحرش مماثلة؟».

وعقب أيام من واقعة مدرسة «سيدز»، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على عامل في مدرسة دولية بالإسكندرية بتهمة التحرش بطلاب، وقررت محكمة جنايات الإسكندرية في 9 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إحالة أوراق القضية إلى المفتي - هو قرار يمهد لحكم الإعدام - وأجلت النطق بالحكم إلى فبراير (شباط) المقبل. وطالب محامي الضحايا في القضية، طارق العوضي، بإقالة وزير التربية والتعليم خلال منشور على حسابه بموقع «إكس».

وقبل ساعات، انفجرت قضية جديدة بالتحرش بـ12 طالباً في مدرسة «النيل» الدولية بالقاهرة، وقررت وزارة التربية والتعليم، الأحد، وضع المدرسة تحت الإشراف سواء المالي أو الإداري للوزارة، مع «اتخاذ الإجراءات القانونية كافة حيال المسؤولين الذين ثبت تورطهم في تقصير أو إهمال بما أدى لحدوث هذه الواقعة»، وفق بيان الوزارة.

ويرى حجازي أن تكرار تلك الوقائع «يعكس ليس فقط غياب الرقابة داخل المدارس، وإنما أزمات أخرى عميقة، مثل قلة أعداد المعلمين والمُشرفين داخل المدارس، والتركيز على نظام التقييم الذي أقره وزير التعليم استراتيجية للوزارة، للسعي إلى إعادة الطلاب للمدارس، لكن دون وجود الإمكانات الخاصة بذلك».

ويتمثل نظام التقييم في تقسيم درجات التقييمات النهائية بين الاختبار النهائي، وتقييمات أخرى تتكرر على مدار العام، ما يُلزم الطلاب بالحضور.

وأضاف الخبير التربوي: «استراتيجية الوزير تضع أعباءً على المدرسين وأولياء الأمور فيما يتعلق بالتقييمات، مقابل تهميش الجوانب الأخرى المهمة سواء التربوية أو التوعوية، أو الخاصة بالإشراف النفسي».

وبينما تتفق عضوة لجنة التعليم في مجلس النواب (البرلمان) جيهان البيومي، على ضرورة اهتمام الوزارة في المرحلة المقبلة بـ«الجوانب التربوية والنفسية»، فإنها لا تتفق مع مطلب إقالة الوزير أو تحميله مسؤولية حوادث التحرش في المدارس.

وقالت البيومي لـ«الشرق الأوسط» إن «الوزير اتخذ قرارات سريعة ورادعة بعد كل واقعة، وهذه الوقائع تظل فردية، ولا يمكن وصفها بالمتفشية في المدارس أو المجتمع، لذا فالمغالاة في التعامل مع الأزمة بالمطالبة بإقالة الوزير ليست حلاً»، مشيرة إلى أنه «واحد من أنشط الوزراء الذين يقود عمله من الميدان، ويجري كثيراً من الزيارات المفاجئة للمدارس، ونجح في إعادة الطلاب للمدارس، وغيّر المناهج التعليمية، وكلها أمور تُحسب له».

وزير التربية والتعليم مع أحد طلاب الثانوية أبريل 2025 (وزارة التربية والتعليم)

وصاحب اختيار وزير التربية والتعليم جدلاً واسعاً مع تفجر أولى الأزمات المرتبطة به، الخاصة بحقيقة حصوله على شهادة الدكتوراه التي صاحبت سيرته الذاتية، بينما شككت وسائل إعلام محلية فيها. وتجاوزت الحكومة الأزمة بوصف عبد اللطيف في بيانات الوزارة بـ«السيد الوزير» بدلاً من «الدكتور».

ولم يتوقف الجدل حول الوزير عند هذه الأزمة، بل امتدت إلى قراره بتغيير المناهج في أغسطس (آب) 2024، الذي أُلغي بناء عليه تدريس بعض المواد في الشهادة الثانوية مثل «الفلسفة» و«علم النفس»، وتحولت اللغات بخلاف الإنجليزية إلى مواد ثانوية لا تضاف للمجموع، وعقب شهور ظهر جدل جديد خاص بمنظومة «البكالوريا» التي تتيح للطلاب خوض الامتحانات أكثر من مرة، بمقابل مادي، ورغم الانتقادات دخلت منظومة البكالوريا في النظام التعليمي المصري بداية من هذا العام.

ويرى الخبير التربوي وائل كامل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، «أن شخصية وزير التربية والتعليم تبدو إدارية أكثر منها تربوية، فكل قراراته تعكس ذلك، بداية من إلغاء مواد دراسية أساسية في بناء الشخصية والتربية لدى الطلاب، مثل الفلسفة وعلم النفس، مروراً بنظام التقييمات في المدارس الذي يهتم بالكم على حساب الكيف، ويضع أعباء كبيرة على كل أطراف العملية التعليمية». ومع ذلك لا يرى كامل أن الحل في تغيير الوزير قائلاً: «الوزارة ككل في حاجة إلى إعادة هيكلة».


«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«محددات حماس» بشأن المرحلة الثانية لـ«اتفاق غزة»... هل تضعف فرص التقدم؟

إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
إزالة حطام المباني والمنازل المدمرة في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

شهد اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، تحفظات ومطالبات علنية من حركة «حماس» بشأن التزامات المرحلة الثانية المعنية بترتيبات إدارية وأمنية، وسط حديث أميركي عن جهود تبذل في «الكواليس» بشأن الانتقال إليها.

تلك المحددات التي أعلنتها «حماس»، الأحد، وشملت 4 بنود رئيسية متعلقة بنزع السلاح ودور مجلس السلام وقوات الاستقرار وتشكيل لجنة إدارة قطاع غزة، هناك تباين بشأنها بين خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بين مَن يراها تكشف عن أزمات تعيق التقدم للمرحلة الثانية، وأنها مجرد مناورات لتقليل الضغوط عليها، مقابل تقديرات أخرى تؤكد أنها تكشف عن جدية الحركة في تنفيذ الاتفاق وسط عراقيل إسرائيل.

وتتضمن خطة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وجرى بموجبها وقف إطلاق النار في قطاع غزة في أكتوبر (تشرين الأول)، تشكيل مجلس للسلام برئاسته يشرف على لجنة تكنوقراط فلسطينية، ونزع سلاح «حماس»، وألا يكون لها دور في حكم القطاع بعد الحرب، ونشر قوات استقرار.

وقال رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، الأحد، في الذكرى 38 لتأسيس الحركة، إن السلاح حق كفلته القوانين الدولية للشعوب الواقعة تحت الاحتلال، معبراً عن انفتاح الحركة على دراسة أي مقترحات تحافظ على ذلك الحق مع ضمان إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وشدد على أن مهمة مجلس السلام، الذي ورد في خطة ترمب، ومن المقرر أن يقوده الرئيس الأميركي، هي رعاية تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار والتمويل والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة. ورفض «كل مظاهر الوصاية والانتداب» على الفلسطينيين.

وأضاف: «ندعو لتشكيل لجنة التكنوقراط لإدارة قطاع غزة من مستقلين فلسطينيين بشكل فوري، ونؤكد جاهزيتنا لتسليمها الأعمال كاملة في كل المجالات وتسهيل مهامها»، مشدداً على أن مهمة القوة الدولية المزمع تشكيلها «يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار، والفصل بين الجانبين على حدود قطاع غزة» دون أن يكون لها أي مهام داخل القطاع.

ودعا الحية «الوسطاء، خصوصاً الضامن الأساسي، (الإدارة الأميركية والرئيس ترمب) إلى ضرورة العمل على إلزام الاحتلال باحترام الاتفاق والالتزام بتنفيذه وعدم تعريضه للانهيار».

نساء يحملن حزماً على رؤوسهن يمررن بخيام أقيمت على أرض تم تطهيرها لإيواء الفلسطينيين النازحين جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الأسبوع الماضي، إن المفوضية وثقت أكثر من 350 هجوماً إسرائيلياً ومقتل 121 فلسطينياً على الأقل داخل المنطقة الواقعة خلف «الخط الأصفر» في غزة منذ وقف إطلاق النار، فيما لقي القيادي في «حماس» رائد سعد حتفه، في قصف إسرائيلي، السبت، استهدف سيارته في غزة.

وقال مسؤولون إسرائيليون إن الإدارة الأميركية تعمل حالياً على بلورة المرحلة الثانية من الخطة الرامية إلى إنهاء الحرب في قطاع غزة، وتخطِّط لأن يبدأ عمل القوة الدولية متعددة الجنسيات في القطاع اعتباراً من الشهر المقبل، وأبلغ مسؤولون أميركيون نظراءهم الإسرائيليين بهذا في محادثات أُجريت في الأيام الأخيرة، حسب هيئة البث الإسرائيلية.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى المحلل المصري المتخصص في الشأن الإسرائيلي، بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن محددات «حماس» تكشف عن أن «فرص التقدم في المرحلة الثانية ضعيفة وستدفع لمزيد من الضربات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها «مجرد مناورات، من أجل تقليل الضغوط عليها التي تواجهها قبل تنفيذ التزامات المرحلة الثانية، التي تمر بظروف خطيرة».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، المختص بشؤون «حماس»، إبراهيم المدهون، أنه لا مفر من الذهاب للمرحلة الثانية وتنفيذها، رغم عراقيل متكررة من جانب إسرائيل لإفشال الاتفاق، لافتاً إلى أنه بالنسبة لموضوع السلاح، فإن «حماس» منخرطة في حوار فلسطيني داخلي معمّق، إلى جانب حوار واضح وشفاف مع الوسطاء في القاهرة، حول رؤية قد تتبلور وتكون مقبولة لدى جميع الأطراف، بخلاف أن الحركة راغبة في حضور قوات سلام معنية بفضّ الاشتـباك.

ووسط تلك المحددات من «حماس» التي لم يعلق عليها الوسطاء، أفاد بيان لوزارة الخارجية المصرية، (الأحد)، بأن بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، شدَّد في اتصال مع نظيرته البريطانية إيفيت كوبر، على أهمية نشر «قوة الاستقرار الدولية» المؤقتة في غزة، مؤكداً أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب.

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية».

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين، الجمعة، بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، السبت، عن مسؤولين القول إن إدارة ترمب تسعى لتجنيد قوة متعددة الجنسيات من 10 آلاف جندي بقيادة جنرال أميركي؛ لتحقيق الاستقرار في قطاع غزة، وذكر المسؤولون أنه لم تُرسل أي دولة قوات؛ بسبب تحفظات على إمكانية توسيع نطاق مهمة القوة لتشمل نزع سلاح حركة «حماس».

وأشارت الصحيفة إلى أن وزارة الخارجية الأميركية طلبت رسمياً من نحو 70 دولة تقديم مساهمات عسكرية أو مالية للقوة المزمع نشرها في غزة، غير أن 19 دولة فقط أبدت رغبتها في المساهمة بقوات أو تقديم المساعدة بطرق أخرى، ومنها المعدات والنقل.

ويرى عكاشة أن ترمب سيضغط خلال لقاء نتنياهو في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، للبدء في المرحلة الثانية، متوقعاً أن تقبل إسرائيل الدخول إليها وبدء مفاوضات إلى ما لا نهاية بشأن تنفيذ الانسحابات.

ويعتقد المدهون أن «القاهرة تدرك العراقيل الإسرائيلية وستطالب بتسريع العمل للانتقال إلى المرحلة الثانية لإنهاء أي ذرائع إسرائيلية متوقعة قد تفشل الاتفاق».


سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
TT

سبعة قتلى جراء استهداف مستشفى في السودان بطائرة مسيَّرة

تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)
تعرض مستشفى عسكري في مدينة الدلنج السودانية لهجوم بطائرة مسيرة (أ.ف.ب)

قال مصدر في مستشفى عسكري بمدينة الدلنج السودانية، الواقعة في الجنوب، التي تحاصرها «قوات الدعم السريع»، إن هجوماً عليها بطائرة مسيَّرة، الأحد، أسفر عن مقتل «7 مدنيين وإصابة 12».

ومن بين المصابين مرضى أو مرافقون لهم في المستشفى، حسب ما أفاد المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية». ويقدم المستشفى خدماته للمدنيين والعسكريين على حد سواء.

وتقع الدلنج في جنوب كردفان، وما زالت تحت سيطرة الجيش السوداني، لكنها محاصرة من «قوات الدعم السريع».