بن جعفر: يسعدني أن أكون مرشحا توافقيا للرئاسة التونسية

قال لـ {الشرق الأوسط} إن حكومة جمعة خففت التوتر بين الأحزاب

مصطفى بن جعفر
مصطفى بن جعفر
TT

بن جعفر: يسعدني أن أكون مرشحا توافقيا للرئاسة التونسية

مصطفى بن جعفر
مصطفى بن جعفر

في لقاء مطول مع «الشرق الأوسط»، بمناسبة الزيارة الرسمية التي قام بها أخيرا إلى فرنسا ولقائه الرئيس فرنسوا هولاند، وعد الدكتور مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) التونسي الأمين العام لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات بإجراء «جردة حساب» لتجربة حكم الائتلاف الثلاثي مع حزب النهضة والمؤتمر من أجل الجمهورية. وقال بن جعفر إن التجربة كانت ضرورية لقيادة المرحلة الانتقالية في تونس، مؤكدا أنها «نجحت» في مهمتها الرئيسة.
ولا يخفي بن جعفر رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية، وبذلك يضع نفسه في موقع التنافس مع الباجي قائد السبسي رئيس حزب نداء تونس، الذي لا يخفي رغبته في خوض المنافسة الرئاسية. وقال بن جعفر لـ«الشرق الأوسط» إنه سيكون سعيدا إذا جرى التوافق على شخصه ليكون «مرشحا توافقيا».
وكان علي العريض، رئيس الحكومة السابق والقيادي في حزب النهضة قد أكد أن «النهضة» جاهزة لدعم مرشح توافقي. وبحسب بن جعفر، فإن هذا التطور يعني أن النهضة «وعت صعوبة إدارة الشأن العام وهي في موقع المهيمن».
وفي موضوع الإرهاب الذي تواجهه تونس، دعا بن جعفر إلى «معالجة شاملة» أمنية بالطبع، ولكن أيضا اقتصادية واجتماعية، مشيرا إلى أن تونس لم تتغلب بعد تماما على هذا التهديد الذي «لا يطال تونس وحدها، بل كل بلدان المنطقة». وفيما يلي نص الحوار:

* ما تقييمك لتجربة الحكم والائتلاف؟
- أولا، لا بد من التذكير بأن هذه التجربة انطلقت من ضرورة التعامل مع النتائج التي أفرزتها انتخابات 2011. حيث لم يكن هناك بديل للائتلاف «التكتل وحركة النهضة وحزب الرئيس المرزوقي». فمراجعة النتائج وما حصلت عليه الأحزاب من مقاعد فرضت علينا هذا الخيار إذ ما كان مطلوبا هو تسيير البلاد في المرحلة الانتقالية الصعبة، نظرا للمشاكل التي عاشتها تونس في عام 2011. نحن كانت لدينا القناعة أن الوضع سيكون صعبا جدا، وأنه ليس بإمكان أي حزب، حتى لو توفرت له الأكثرية، أن يمارس الحكم لوحده، وسعينا إلى أن يجمع الائتلاف أكبر عدد ممكن من الأحزاب. لكن للأسف الشديد، وجدنا جدار صد من جانب الأحزاب التي توجهنا إليها، أي تلك التي كانت في خصام وتحارب (الرئيس السابق زين العابدين) بن علي وتدافع عن الحرية والديمقراطية، أي المعارضة السابقة. وهكذا تكون الائتلاف الذي جاء تعبيرا عن ضرورة. والحقيقة أن الأحزاب الثلاثة التي قام عليها كانت تعرف بعضها، ونسجت بينها علاقات سابقة للثورة. فنحن عملنا في هيئة الحريات لـ17 أكتوبر (تشرين الأول) مدة خمس سنوات، وكان معنا وبشكل سري الأستاذ علي العريض والدكتور زياد دولاتي، وبعض الشخصيات التي كانت تمثل حركة النهضة، وكنا في نقاش مستمر وأصدرنا وثائق مهمة.
* هل يمكن أن أعود لسؤالك عن تقييمك للعمل الحكومي تحت راية الائتلاف الثلاثي؟
- في مجمله، الحكم إيجابي، لأن في السياسة النتيجة هي التي تحكم.
* كيف يمكن التحدث عن نتائج إيجابية بينما قامت ضدكم حركة مناهضة، واضطرت الحكومة إلى تقديم استقالتها بسبب الرفض الذي تصاعد في الأوساط السياسية والشعبية؟ كيف يمكن مع ذلك التحدث عن نجاح؟
- أنا أتكلم عن تونس ولا أتكلم عن التجربة الحكومية فقط. الهدف من الائتلاف كان، كما ذكرت، إدارة المرحلة الانتقالية بأقل ما يمكن من التكاليف. وفي هذا نجحت الحكومات المتتالية (حكومة حمادي الجبالي وحكومة علي العريض) في قطع خطوات مهمة من المرحلة الانتقالية والمصادقة على الدستور. وأنا أعد ذلك نجاحا. وبالمقابل، فشيء طبيعي أن تكون المعارضة قد نادت بفشل الحكومة بعد أسبوع واحد على تشكيلها. هذا هو دور المعارضة، رغم أن في أدائها كان هناك شيء من المبالغة. ولا أخفيك أنني كنت قد أعلنت أن المرحلة الانتقالية لا تتحمل الشكل التقليدي للديمقراطية، أي الجدل بين الحكم والمعارضة، لأننا بحاجة لأن نعمل يدا بيد حتى نجتاز العقبات. وقد جرت مؤاخذتي علي ما قلته، وبالتالي فقد دخلنا في السيناريو التقليدي؛ حكومة تحكم معارضة تطلق عليها النار. لكن رغم كل الصعوبات والأحداث الخطيرة التي مرت بها تونس، خاصة الاغتيالات السياسية والإرهاب بما أوجدته من توتر داخلي، فإن هناك توافقا اليوم على القول إن تونس نجحت في تجربة المسار الانتقالي. هذا هو في نظري التقييم الصحيح. ولكن في داخل ذلك المسار يمكن أن نتساءل هل أن الأداء هو الأفضل؟ ربما الجواب هو لا، والأسباب معروفة، وأولها غياب الخبرة الكافية في تسيير شؤون البلاد لأن أغلب السياسيين كانوا إما وراء القضبان أو في المعارضة. وهم كانوا مطاردين من قبل الحكم السابق، ثم إن الصعوبة الإضافية تمثلت في إنجاح العمل المشترك، خصوصا أن الناس «الذين وصلوا إلى السلطة» كانوا يحملون أفكارا مختلفة ومشروعا مجتمعيا مختلفا، بحيث إن عملية تسيير شؤون البلد لم تكن سهلة في ذلك الوقت.
* من استفاد، على المستوى السياسي، من تجربة الائتلاف؟ وما رأيكم في مَن يرى أنكم عملتم لمصلحة حزب النهضة الذي كان المستفيد الأول من وجود الائتلاف.. وهذا الحكم يقوله بعض من كان في الائتلاف بمن في ذلك من التكتل؟
- هذا ممكن، خصوصا إذا غاص التقييم في التفاصيل. لكنني أريد أن أقول إن المستفيد الأصلي هو تونس، لأن المرحلة الانتقالية حققت الأهداف المرجوة، لا بل ذهبنا أبعد من ذلك، عندما رأينا أن نجاح الانتخابات المقبلة مرتبط بإدارة مستقلة حتى لا نترك أي مجال للتشكيك في النتائج المقبلة.
* أريد أن أعود للسؤال السابق: ألم تتكئ النهضة على الحزبين اللذين شاركاها الحكم؟ ألم تسحب الغطاء لها بمعنى أنكم كنتم شركاء في الحكم لكن القرار لم يكن بأيديكم؟
- الأحزاب والسياسيون الذين رفضوا الدخول إلى الائتلاف يرون أننا أصل البلية، بوصف أنه لو تركنا النهضة وحدها لكانت انهارت بعد أشهر، وبالطبع كانت المعارضة يمكن أن تقطف ثمار الفشل. هذا تقييم ممكن في وضع طبيعي مستقر، وفي ديمقراطية ذات قاعدة صلبة. لكن الواقع أننا كنا في مرحلة انتقالية، والخيار كان إما النجاح أو الفشل، بل الفوضى.
* لماذا هذه الحجج غير مفهومة وغير مقنعة لكثيرين؟
- الآن، من تتحدث عنهم يفهمون هذا التفكير. لكنهم (وقتها) لم يقبلوا فكرة أن حزبا ديمقراطيا تقدميا يتحالف مع حزب إسلامي. لكن حقيقة، بالنسبة لنا، التفاهم لم يكن صعبا على مستوى العلاقات التي نسجناها في التصدي للنظام الاستبدادي خلال سنوات. العائلات السياسية والفكرية على اختلافها اجتمعت وقامت بينها علاقات. وهذه التجربة (17 أكتوبر) فتحت الباب وسهلت الائتلاف. بالطبع، من كانوا يراهنون على فشل التجربة وانهيار الحزب الذي نجح بنسبة مرتفعة جدا (في الانتخابات التشريعية الأولى حيث حصلت النهضة على 90 نائبا بينما الحزب الذي حل بعدها مباشرة حصل على 29 نائبا ونحن 20 نائبا) لم يكن يستسيغ ما فعلناه، وذهبوا إلى عدّ التكتل بمثابة واجهة للنهضة، بينما العاقلون كانوا يعون أن التكتل، رغم حجم كتلته النيابية المتواضعة نسبيا، كان له دور أساسي في الحكم وفي تعديل الكثير من الخيارات والسياسات والقرارات.
* أنتم تحضرون لحملة انتخابية، فكيف ستتمكنون من القيام بذلك، لأن الكثيرين سيقولون لكم إنكم غير مختلفين عن الآخرين الذين حكمتم معهم مدة ثلاث سنوات؟ كيف ستخرجون من هذه المعادلة الصعبة؟
- صحيح، المعادلة صعبة. لكن المنطق يفرض نفسه، إذ إن الائتلاف الحكومي لم يقم على أساس تطبيق برنامج اقتصادي واجتماعي، بل قام على اتفاق غرضه إدارة المرحلة الانتقالية والمصادقة على الدستور، وتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية. وبشأن هذه المرحلة، أبدينا الكثير من التفاؤل إذ توقعنا أن تدوم عاما كاملا. لكن الأحداث جعلتها تدوم ثلاث سنوات (أي حتى إجراء الانتخابات الرئاسية).
* هل هذا يعني أنكم لن تشعروا بإحراج في انتقاد «النهضة» مثلا في برامجكم ودعايتكم الانتخابية؟
- أبدا، لكن سندافع أولا عن برنامجنا وسياستنا.
* مَن حلفاؤكم للانتخابات التشريعية المقررة في شهر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؟
- لا يمكن أن نتكهن بما ستفضي إليه الانتخابات المقبلة، وما ستفرزه من نتائج. الفكرة السائدة اليوم لدى جميع الأطراف (عدا بعض الاستثناءات الصغيرة) أن المطلوب اليوم في تونس هو حكومة وحدة وطنية، مما يعني أن باب التحالفات للمرحلة المقبلة التي لن تكون أسهل من المرحلة السابقة (بالنظر للمشاكل الأمنية، وما تواجهه الشقيقة ليبيا، والوضع الاقتصادي والحاجة لإصلاحات هيكلية صعبة لا بد أن ننطلق فيها) يتطلب توحيد الصفوف، وحدا أدنى من الانسجام. إذن، أرى أن هناك حاجة لتحالف واسع وعميق لا يستثني أحدا من الذين يريدون بناء تونس الديمقراطية.
* ما أردت التحدث عنه هو تحالفات ما قبل الانتخابات، وليس بعدها.
- بخصوص هذا الشق من السؤال، نحن نرى أن المحور الرئيس للانتخابات المقبلة سيكون المسألة الاقتصادية والاجتماعية. ولهذا، نحن نسعى لأكبر تجمع ممكن للقوى الديمقراطية الاشتراكية التي يمكن أن تبلور معا برنامجا اقتصاديا - اجتماعيا (حتى الآن توافقت أربعة أحزاب على العمل معا، ولكن الباب مفتوح لانضمام المزيد).
* هل ستقدمون مرشحين مشتركين أم أن التفاهم سياسي فقط؟
- لم ندخل بعد في هذه التفاصيل. وجل ما قمنا به أننا بعد أسابيع من النقاش، وضعنا أرضية سياسية تتضمن الخطوط الكبرى، واتفقنا على تنسيق جهودنا في الفترة المقبلة، وربما توصلنا إلى إقرار ترشيحات موحدة أو توافقية أو حتى تقاسم الدوائر. إن أشكال التنسيق لم تتضح بعد تماما.
* ربما المشكلة تكمن في نظام الاقتراع النسبي.. أليس كذلك؟
- بالطبع، النظام الانتخابي يشجع على أن نبقى منفصلين. لكن الرسالة السياسية هي أن نبين للمجتمع التونسي أن هناك بديلا متناسقا له مشروع وبرنامج مختلف عن البرامج المطروحة من طرف الأحزاب التي تعد أحزابا كبرى على الأقل على مستوى استطلاعات الرأي في الوقت الحاضر. هذه الرسالة مهمة، لأنها أولا تطرح بديلا له مصداقية، ولأنها ثانيا تطرح مسألة وجود قوى قادرة على إحداث توازن أفضل في المشهد السياسي، وربما ستكون لها إمكانية لعب دور الحكم في حالة التوترات وتوازن القوى بين الأطراف.
* قال على العريض، رئيس الوزراء التونسي السابق أخيرا إن «النهضة» تسعى لمرشح توافقي.. هل المقصود بذلك استبعاد الباجي قائد السبسي، رئيس «نداء تونس» الذي لا يخفي رغبته في الترشح للمنصب الرئاسي؟
ــ أفهم من هذا التصريح أن حركة النهضة لن تقدم مرشحا رئاسيا. لكن المسألة ليست محسومة، حتى داخل النهضة. وشيء طبيعي أن يكون لحزب بهذا الحجم تيارات منها من يدافع عن إنزال مرشح للرئاسة يرفع راية الحزب، ويدافع عن أفكاره ومشروعه. لكن خيار النهضة بدعم مرشح توافقي يعني أنها استخلصت العبرة من صعوبة إدارة الشأن العام، وهي في موقع مهيمن. هل الباجي قائد السبسي هو المقصود؟ لا أظن ذلك.
* هل يمكن أن تكون أنت مرشحا توافقيا؟
- إذا حصل ذلك فسيكون شرفا لي خاصة إذا صادق حزبي على ترشيحي للانتخابات الرئاسية في أول مجلس وطني ينعقد في شهر أغسطس (آب) المقبل.
* سأكون مستعدا للرهان على أن حزبكم سيقدم ترشيحكم للرئاسة.
- نشعر أن هناك توجها لذلك داخل الحزب، بوصف ترشحي لا يمكن إلا أن يفيد الحزب حتى في حالة الخسارة، إذ إن أي حزب له شيء من المصداقية يرى أن المشاركة تترتب عليها فوائد في كل الحالات. وإذا حصل وشاءت الظروف أن أكون مرشحا توافقيا، فذلك نعده شيئا حسنا لأن المرحلة المقبلة تحتاج للتوافق، كما أسلفت للحكومة ولرئيس الدولة.
* ليبيا مصدر قلق أمني لتونس.. لماذا لا تأخذون المبادرة وتطرحون مثلا انعقاد مؤتمر إقليمي بخصوص هذا الشأن؟
- تونس لا تريد التدخل في الشأن الليبي، رغم عدّها أن له علاقة مباشرة بتونس. والأمر الثاني أننا نرى أن أي تدخل من الخارج لا بد من أن يفاقم الوضع الأمني لدى جارتنا ليبيا. بالطبع، نحن نسعى بكل قوانا إلى تقريب وجهات النظر، وحتى التفكير بتنظيم ندوة في تونس تجمع الإخوة الليبيين. ولكن هذا يحتاج لإرادة سياسية من الأطراف الموجودة في ليبيا، واستعداد للمجيء إلى مائدة الحوار. والحال أن الرصاص اليوم هو لغة الحوار بينهم. فضلا عن ذلك يتعين التنسيق مع دول الجوار، وتلك التي لها علاقات متينة مع ليبيا.
* لكنكم أنتم معنيون بالدرجة الأولى بما يجري في ليبيا إن أمنيا وإن لجهة وجود مئات الآلاف من المواطنين الليبيين في تونس، وبما يشكله من ضغط شبيه بما يشكله اللاجئون السوريون على لبنان.. وأخيرا، الدولة غائبة في ليبيا ما من شأنه مضاعفة المخاطر، لذا أود أن أسألك عن الأسباب التي تمنع تونس من إطلاق مبادرة ما للدعوة لمؤتمر دولي، وليس فقط للأطراف الليبية؟
- إن دعوة كهذه تحتاج لإعداد دقيق. والمهم ليس الفكرة، وهي موجودة. لكن الانتقال إلى تحقيقها يتطلب شروطا وظروفا غير متوافرة اليوم.
* هل يمكن أن نقول إن الخطر الإرهاب في تونس قد انتهى؟
- لا. لا يمكننا أن نقول ذلك. الإرهاب لن ينتهي بين ليلة وضحاها. ومقاومة الإرهاب ستطلب وقتا وحلولا متنوعة وشاملة.
* ما المقصود؟
- أعني أن هناك الحل الأمني وهو الأمر المستعجل، ونحن نستعد له ونواجهه، وقد حققنا العديد من الانتصارات ضد الإرهاب. ولكن هناك أيضا الحل الاقتصادي - الاجتماعي - السياسي، وأعني تحويل المناطق «المضطربة» بيننا وبين ليبيا، وبيننا وبين الجزائر إلى مناطق مزدهرة يحلو فيها العيش وتغيب عنها عمليات التهريب وما له من انعكاسات سلبية جدا على الاقتصاد. ولا بد أيضا من حلول شاملة حتى نواجه آفة الإرهاب التي لا تهدد تونس فقط، بل كل المنطقة.
* ما تقييمكم لأداء حكومة مهدي جمعة؟
- في الوقت الحاضر، يصعب الحكم عليها، المهم أن وجودها ساهم في خفض نسبة التوتر بين الأحزاب، وابتعدنا عن المجادلات «السياسوية»، وهذا مهم في هذه المرحلة وهي تفعل ما هي قادرة عليه، ونحن نرى السيد جمعة ووزراءه ينشطون داخل البلاد وعلى مستوى العلاقات الخارجية لحشد الدعم لتونس. ولكننا نعرف أن النتائج لن تظهر بشكل فوري، بل تحتاج إلى بعض الوقت.



مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
TT

مصر تؤكد رفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية

وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقاء مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط في الإمارات (الخارجية المصرية)

أكدت مصر «موقفها الثابت والرافض للمساس بسيادة لبنان ووحدة وسلامه أراضيه، فضلاً عن دعم المؤسسات الوطنية للاضطلاع الكامل بمسؤولياتها في الحفاظ على أمن واستقرار لبنان». وشددت على «ضرورة منع التصعيد واحتوائه، ورفض أي انتهاك للسيادة اللبنانية».

جاء ذلك خلال لقاء وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مستشارة الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط، كلير لوجندر، على هامش «منتدى صير بنى ياس» في الإمارات، السبت.

وثمن عبد العاطي العلاقات الاستراتيجية بين مصر وفرنسا، معرباً عن التطلع لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري وزيادة الاستثمارات الفرنسية في مصر، فضلاً عن تعزيز التعاون في مختلف المجالات وفى مقدمتها قطاعات الصناعة والنقل والسياحة والثقافة والتعليم. كما رحب بقرب انعقاد الجولة الأولى من الحوار الاستراتيجي بين وزارتي الخارجية المصرية والفرنسية.

وفيما يتعلق بتطورات القضية الفلسطينية، رحب وزير الخارجية المصري بالموقف الفرنسي الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبرزاً الجهود التي تقوم بها مصر لتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأكد «ضرورة تضافر الجهود الدولية لضمان تنفيذ قرار مجلس الأمن 2803 وسرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة للاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها».

ونوه عبد العاطي بأهمية المضي في خطوات تشكيل لجنة التكنوقراط الفلسطينية لإدارة قطاع غزة. ولفت إلى أهمية ضمان نفاذ المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق إلى قطاع غزة في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية، مشدداً على أهمية خلق الأفق السياسي للتوصل إلى تسوية عادلة ومستدامة للقضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

الشيخ عبد الله بن زايد خلال لقاء وزير الخارجية المصري في الإمارات (الخارجية المصرية)

ووفق إفادة لوزارة الخارجية المصرية، السبت، تم التطرق خلال اللقاء إلى الأوضاع في السودان، حيث أطلع الوزير عبد العاطي المسؤولة الفرنسية على الجهود المصرية في إطار الرباعية بهدف تحقيق وقف إطلاق النار بما يسمح بإطلاق عملية سياسية سودانية شاملة، مؤكداً على ثوابت الموقف المصري بشأن حماية سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، ورفض التقسيم، ودعم مؤسسات الدولة. وشدد على ضرورة توحيد الجهود الإقليمية والدولية لدفع مسار التهدئة والتوصل إلى وقف لإطلاق النار ونفاذ المساعدات الإنسانية. كما حرص وزير الخارجية على إطلاع المسئولة الفرنسية على نتائج زيارته الأخيرة للبنان.

وقال وزير الخارجية المصري خلال زيارته إلى العاصمة اللبنانية بيروت، الشهر الماضي، إن بلاده تنظر إلى لبنان بعدّه ركناً أساسياً في منظومة الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكداً على أن صون سيادته واستقلال قراره الوطني يظلان أولوية ثابتة في السياسة الخارجية المصرية.

في سياق آخر، التقى عبد العاطي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد، مساء السبت. وتناول اللقاء آفاق تعزيز العلاقات الثنائية المتميزة بين البلدين الشقيقين والبناء على ما تشهده من زخم إيجابي في مختلف المجالات، في ضوء ما يجمع القيادتين والشعبين من روابط راسخة وشراكة استراتيجية.

وبحسب «الخارجية المصرية»، السبت، تبادل الجانبان الرؤى حول عدد من القضايا والملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأوضاع في الضفة الغربية وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام في قطاع غزة، فضلاً عن تطورات الأوضاع في السودان والتنسيق القائم في إطار الرباعية، والأوضاع في اليمن وسوريا وليبيا. واتفق الوزيران على «أهمية مواصلة التنسيق والتشاور لدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة وتعزيز العمل العربي المشترك».


«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
TT

«قوة استقرار غزة»... اجتماع مرتقب بالدوحة لسد الفجوات

أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)
أحد عناصر «حماس» يحرس منطقة يبحثون فيها عن جثث الرهائن بمساعدة اللجنة الدولية لـ«الصليب الأحمر» في غزة (أ.ف.ب)

تستضيف العاصمة القطرية، الدوحة، اجتماعاً عسكرياً، الثلاثاء، لبحث «تشكيل قوة الاستقرار» في قطاع غزة التي تنص عليها خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام، التي دخلت حيز التنفيذ 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ولاقت دعماً من مجلس الأمن في نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.

ذلك الاجتماع المرتقب يأتي وسط ضبابية بشأن مستقبل تلك القوات وتعثر الانتقال للمرحلة الثانية، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» محاولة لسد فجوات، منها مهام تعترض عليها فصائل فلسطينية مرتبطة بالوجود داخل القطاع أو نزع السلاح، بخلاف وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة دول بينها تركيا، وسط تباين بشأن قدرة الاجتماع على تقديم حلول ناجزة، في ظل عدم اتفاق سياسي على الانتقال للمرحلة الثانية، وترقب نتائج لقاء ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أواخر هذا الشهر.

وتوقع مسؤولون أميركيون نشر هذه القوات مطلع العام المقبل، بعد بحث التفاصيل خلال اجتماع للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة عدد من الدول، في العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، وفق ما أوردت وكالة «رويترز».

وقال مسؤولان أميركيان للوكالة، أخيراً، إنه من المتوقع أن ترسل أكثر من 25 دولة ممثلين عنها للمشاركة في الاجتماع الذي «سيتضمن جلسات لمناقشة هيكل القيادة، وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة»، لافتين إلى أن «قوة الاستقرار الدولية لن تقاتل حركة (حماس)، وأن دولاً كثيرة أبدت رغبتها في المساهمة فيها».

ونقل موقع «أكسيوس»، الجمعة، أن مندوب الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل أخيراً، أبلغ نتنياهو ومسؤولين آخرين بأن إدارة ترمب ستتولى قيادة ما تُعرف باسم «قوة الاستقرار الدولية» وستعين جنرالاً قائداً لها.

ويعطي قرار تبناه مجلس الأمن الدولي في 17 نوفمبر الماضي تفويضاً «لمجلس سلام» في غزة والدول التي تتعاون معه، من أجل تأسيس «قوة استقرار دولية» مؤقتة في القطاع.

وسبق أن تحدثت القناة الـ«14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر الماضي، بأن الولايات المتحدة الأميركية حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة لإمكانية تأجيله مجدداً.

صبيَّان يحتميان من المطر وهما جالسان على عربة يجرُّها حمار في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

رئيس «المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية»، العميد سمير راغب، يرى أن اجتماع الدوحة سيركز على «سد الفجوات» مثل عدم تعيين قائد للقوة، رغم أن التسريبات تشير إلى أنه أميركي، فلا مهام محددة بشأن القوة حتى الآن، كما أنه لم يتم تشكيل «مجلس السلام» الذي صدر له التفويض الأممي بتشكيل القوة، بجانب وجود «فيتو إسرائيلي» على مشاركة تركيا، وهذا يعرقل مسار تحديد الدول، بخلاف عدم حسم قضايا سياسية مرتبطة بنزع السلاح.

وأشار إلى أن حديث انتشار القوات بداية العام يكون صحيحاً إذا كنا قد عرفنا الآن مهام وتسليح القوات، وباتت تتجمع هذه الأيام، وبالتالي نحن بصدد ترتيبات ستأخذ ربما شهرين لتحقيق انتشار لو حُسمت الملفات السياسية.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن اجتماع الدوحة بشأن تلك القوات يناقش سد الفجوات «لكنه يشكل إطاراً عاماً للتعايش معها، وليس لحلها»، موضحاً أن الفجوات تتعلق بكيفية الانتشار ومهام القوات، وهل ستنزع سلاح «حماس» وتبدأ الانسحابات. ونبه إلى أن هذا الاجتماع قد يحسم التشكيل والتمويل، و«لا يعني مشاركة 25 دولة فيه أن هناك موافقة على الانخراط في القوة؛ لكن ستتم مناقشة الخطوط الأولية».

منظر عام لمخيَّم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بغزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش مشاركته في «منتدى صير بني ياس» بالإمارات، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، السبت: «ضرورة الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وأهمية تشكيل قوة الاستقرار الدولية»، وذلك خلال لقاء المدير العام لـ«أكاديمية أنور قرقاش الدبلوماسية»، والمنسق الأممي الخاص السابق لعملية السلام في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، وفق بيان لـ«الخارجية المصرية».

وهذا التأكيد ليس الأول من نوعه من جانب مصر؛ حيث أعلنته أكثر من مرة أخيراً.

وردت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، على الصحافيين أخيراً بشأن تطورات اتفاق غزة، قائلة إن «هناك كثيراً من التخطيط الهادئ الذي يجري خلف الكواليس في الوقت الحالي للمرحلة الثانية من اتفاق السلام... نريد ضمان سلام دائم ومستمر».

وأوضح راغب أن المرحلة الأولى لم تنتهِ بعد، وهناك أمور سياسية لم تُحَل، لافتاً إلى أن «قمة ترمب-نتنياهو» المقررة نهاية هذا الشهر ستكون فاصلة في المرحلة الثانية، وتشكيل القوات، ورفع «الفيتو»، وإنهاء الفجوات.

أما نزال فيرى أن المرحلة الثانية لم تنضج بعد، والهدوء الأميركي في المناقشات محاولة لتفادي الفشل من أي إعلان قد يُحدث ضجة عند أي طرف، في ظل ريبة فلسطينية مما يُعد في الكواليس، متوقعاً أن تزداد مساعي الوسطاء تجاه الانتقال للمرحلة الثانية بأقل تكلفة ومخاطرة، وهذا سيتضح عقب لقاء ترمب بنتنياهو.


حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

حراك سياسي وعسكري مكثف لإنهاء التوترات في شرق اليمن

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي يحرسون مدخل القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

يترقَّب الشارع اليمني أن تُكلَّل الجهود التي تقودها السعودية، بشراكة مع الإمارات، بنزع فتيل التوتر وإنهاء التصعيد في حضرموت والمهرة على خلفية التحركات الأحادية الميدانية التي قام بها المجلس الانتقالي الجنوبي في الأيام الماضية، التي أدت إلى إرباك معسكر الشرعية اليمنية، وسط مخاوف من أن يقود ذلك إلى تبعات اقتصادية وإنسانية وأمنية في ظل تربص الجماعة الحوثية بالمناطق المُحرَّرة.

جاء ذلك غداة حراك سياسي وعسكري مكثَّف في إطار الجهود السعودية - الإماراتية الرامية إلى احتواء التوتر في المحافظات الشرقية، وذلك مع وصول فريق عسكري مشترك إلى عدن، وعقد لقاءات رسمية مع قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي، بالتوازي مع لقاءات في حضرموت مع قيادات محلية وقبلية، في مسعى لإعادة تطبيع الأوضاع ومنع انزلاقها إلى مزيد من التصعيد.

وجاءت هذه التحركات في وقت تشهد فيه محافظتا حضرموت والمهرة توتراً متزايداً على خلفية تحركات ميدانية للمجلس الانتقالي الجنوبي، وما أعقبها من مواجهات وأحداث أمنية، دفعت «تحالف دعم الشرعية» إلى تكثيف مساعيه السياسية والعسكرية لفرض التهدئة، والحفاظ على وحدة مؤسسات الدولة في المناطق المُحرَّرة.

الزبيدي استقبل في عدن وفداً عسكرياً سعودياً إماراتياً مشتركاً (سبأ)

في هذا السياق، استقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اللواء عيدروس قاسم الزُبيدي، وهو رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، في القصر الرئاسي بعدن، قيادة القوات المشتركة لـ«تحالف دعم الشرعية»، يتقدمهم اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي، بحضور عضو مجلس القيادة عبد الرحمن المحرمي، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ورئيس اللجنة العسكرية والأمنية المشتركة العليا اللواء هيثم قاسم طاهر.

ووفق مصادر رسمية، ناقش اللقاء سبل توحيد الجهود لمواجهة التحديات التي تهدِّد أمن اليمن والمنطقة، وفي مقدمتها الإرهاب، وتهريب الأسلحة، والتهديدات التي تمس المصالح الدولية وحرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز التنسيق العسكري والأمني بين القوات اليمنية والتحالف.

وأشاد الزُبيدي بالدور الذي تضطلع به دول التحالف بقيادة السعودية والإمارات، مؤكداً أهمية الشراكة القائمة في دعم القوات اليمنية، بينما أكدت قيادة القوات المشتركة دعمها المستمر للقوات المسلحة اليمنية في مواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الاستقرار في المرحلتين الحالية والمستقبلية.

بيان رئاسي

بالتوازي مع هذه التحركات، جدَّد مصدر مسؤول في مكتب الرئاسة اليمني الإشادة بجهود السعودية لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، وذلك بعد وصول الفريق العسكري السعودي - الإماراتي إلى عدن.

وأوضح المصدر أن الزيارة تأتي ضمن جهود الرياض وأبوظبي لتعزيز وحدة مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومعالجة تداعيات الإجراءات الأحادية الأخيرة، بما يضمن عودة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي، وتمكين السلطات المحلية والحكومة من أداء مهامها وفقاً للدستور والقانون.

وأشار البيان إلى أن المشاورات الجارية تتناول معالجة مسألة القوات المُستقدَمة من خارج المحافظات الشرقية، وسبل مغادرتها، إضافة إلى تمكين مؤسسات الدولة من ممارسة صلاحياتها الحصرية، واحترام المرجعيات الحاكمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي خلال حشد في عدن (أ.ف.ب)

وحذَّر المصدر من أن أي تصعيد إضافي من شأنه تبديد المكاسب المُحقَّقة، وصرف الانتباه بعيداً عن المعركة ضد جماعة الحوثي، وتقويض جهود الإصلاحات الاقتصادية، ومفاقمة الأزمة الإنسانية في البلاد، مؤكداً حرص قيادة الدولة على تغليب الحلول السياسية، ودعم الجهود السعودية - الإماراتية، والعمل الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.

آليات مرتقبة للحل

أفادت مصادر مطلعة بأن الفريق العسكري السعودي - الإماراتي يبحث وضع آليات تنفيذية لخروج القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتَي حضرموت والمهرة، وإعادتها إلى مواقعها السابقة، إلى جانب ترتيبات لتسليم بعض المواقع لقوات «درع الوطن»، في إطار إجراءات منسقة تهدف إلى إعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

كما عقد الوفد السعودي، برئاسة اللواء الدكتور محمد القحطاني، لقاءً موسعاً في حضرموت مع قيادة السلطة المحلية برئاسة المحافظ سالم الخنبشي، وقيادات الكتلة البرلمانية ومجلس الشورى، ومرجعيات قبائل حضرموت، ومشايخ وأعيان الوادي والصحراء.

وأكد المحافظ الخنبشي أن زيارة الوفد السعودي تمثل دعامةً لأواصر الأخوة بين البلدين، مشيداً بمواقف المملكة الداعمة لحضرموت في هذه الظروف، بينما شدَّد رئيس الوفد السعودي على أن اللقاءات تأتي في إطار فرض التهدئة، ورفض أي تشكيلات عسكرية خارج نطاق الدولة، والحفاظ على أمن واستقرار المحافظة.

رئيس الوفد السعودي في حضرموت اللواء محمد القحطاني يلتقي قيادات قبلية ومحلية (سبأ)

وأشادت القيادات البرلمانية والقبلية بالموقف السعودي، عادّةً أن هذه التحركات تمثل تطميناً للمواطنين، وتؤكد الحرص على معالجة تداعيات دخول قوات من خارج المحافظة، والحفاظ على النسيج الاجتماعي.

في المقابل، نعت رئاسة هيئة الأركان العامة اليمنية عدداً من منتسبي المنطقة العسكرية الأولى، الذين سقطوا خلال مواجهات وصفتها بأنها اعتداءات نفَّذتها مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرةً إلى سقوط 32 قتيلاً و45 جريحاً، إضافة إلى مفقودين، ومؤكدة التزام القوات المسلحة بواجباتها تحت قيادة الدولة ووفقاً للدستور والقانون.

وفي موقف سياسي لافت دعا أحمد علي عبد الله صالح، وهو النجل الأكبر للرئيس اليمني الأسبق، جميع الأطراف اليمنية، إلى وقف التصعيد وضبط النفس، والعودة إلى الحوار، محذِّراً من أن استمرار التوتر في المحافظات الشرقية لا يخدم استقرار البلاد، ولا جهود توحيد الصف في مواجهة الحوثيين والتنظيمات الإرهابية.